«الأمين العام وحده لا يكفي».. مطالبات بتغيير شامل لقيادات الأعلى للآثار (تفاصيل)
انتهج الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية نهجًا فريدًا لم يسبقه إليه أحد إلا الخديو عباس حلمي الثاني، في العناية والاهتمام بآثار وتراث مصر، حيث اهتم الرئيس بكافة أنواع الآثار، ووجه بحمايتها وترميمها وصيانتها، وجاءت توجيهات الرئيس عامة شاملة جامعة، من تأسيس مشروعات جديدة من ناحية، والنهضة بمشروعات متوقفة من ناحية أخرى مثل مشروع المتحف المصري الكبير، والمتحف القومي للحضارة المصرية، وكذلك مشروع تطوير القاهرة التاريخية وغيرها من مشروعات تحتاج إلى مقالة مطولة.
توجيهات الرئيس
وتوجيهات الرئيس تحتاج إلى ماكينة عمل تواصل الليل بالنهار، وبمنتهى الدقة والنظام لأن تلك الماكينة سوف تتعامل مع آثار وتراث مصر، فهي لن تقوم بإنشاء مدينة جديدة ولا عدة طرق، وإنما هي تعالج بمبضع جراح ماهر آلام المباني الأثرية والتراثية على حد سواء، وتلك الماكينة هي المجلس الأعلى للآثار والذي هو المكلف والمنوط به تنفيذ تلك التوجيهات وتحويلها إلى واقع على أفضل وجه وصورة ممكنة ملتزمًا في ذلك بكل المعايير العلمية والأثرية العالمية والمتوافقة مع قوانين حماية التراث، إضافة لمهامه الأساسية من التنقيب عن الآثار والنشر العلمي عنها وصيانها وحفظها وعرضها.
العديد من الصعوبات
ورغم العديد من الصعوبات استطاع العاملين في المجلس الأعلى للآثار تنفيذ العديد من تلك التوجيهات على أكمل وجه، والتي وردت إليها من قياداتها المباشرة، المتمثلة في الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار والمكتب المعاون له ورؤساء القطاعات ورؤساء المناطق، وقد شاب عملية التنفيذ العديد من الانتقادات على الرغم من الجهد الشاق الذي قام به العاملون في تنفيذ توجيهات رؤسائهم، ورغم ما تعرض له البعض من تعسف إلا أن الأغلبية منهم نفذوا ما هو مطلوب.
قرار بالتغيير
ثم كان قرار رئيس الوزراء بإحداث التغيير في قيادة المجلس الأعلى للآثار، بتنحية الدكتور مصطفى وزيري عن المنصب وتكليف الدكتور محمد إسماعيل به، وهو الأمر الذي معه انتعشت آمال العاملين في رجوع الحقوق إليهم، وقد بدا الأمر مبشرًا حيث أمر الدكتور هشام الليثي وهو القائم بأعمال الأمين العام لحين تسلم الدكتور محمد إسماعيل مهام منصبه، بصرف مكافأة 1000 جنيه للعاملين بالمجلس.
هل ما تم كاف؟
ولكن الأمر لا يقتصر على مجرد مكافأة حيث تواصل العديد من العاملين في المجلس الأعلى للآثار مع بوابة الفجر الإلكترونية لإعلان مطالبهم من الأمين العام الجديد الدكتور محمد إسماعيل، والذي صدر قرار رئيس الوزراء بتكليفه بالأمانة العامة للمجلس يوم 10 مارس الجاري حيث طالب العاملون بإحداث تغييرات حقيقة في هيكل المجلس والذي يعاني حسبما قال العديد من المصادر داخله من مختلف القطاعات من مشكلات إدارية وفنية كبيرة.
مطالبات بتغيير قيادات المجلس
ويعد المجلس الأعلى للآثار من المؤسسات الحساسة في مصر إذ أنه المتحكم الأول والأخير في تراثها وإرثها الحضاري، ويعاني العاملين فيه من عدة مشكلات مزمنة وتعتبر في مقدمتها مشكلة النقابة التي امتدت مطالب العاملين بتفعيلها منذ ما يقرب من عشر سنوات كاملة، وهنا السؤال هل سيقوم الأمين العام الجديد الدكتور محمد إسماعيل بتحقيق أحد أحلام العاملين بالمجلس وهو أن يكون هناك نقابة للأثريين، والتي لن تضم العاملين في المجلس وفقط، بل كل من هو خريج آثار.
أزمة في الموارد البشرية
وتعتبر مشكلة الموارد البشرية في المجلس الأعلى للآثار إحدى المشكلات المزمنة حيث توجد العديد من الملفات الخاصة بحقوق العاملين المالية والإدارية المعطلة منها ضم المدة للمثبتين الجدد وغيرها من قضايا تم حل بعضها والبعض الآخر لا يزال عالقًا، والسؤال هنا هل سيقوم الأمين العام الجديد باتخاذ إجراءً مع ذلك الشق من المجلس وهو الموارد البشرية أم أن الوضع سيبقى على ما هو عليه؟ هل سيكون هناك تغيير للقيادات المسؤولة عن هذا الملف؟
مشكلات فنية عديدة
ومن ناحية أخرى ارتفعت أصوات عدد من أساتذة ومحبين الآثار في مصر مطالبة بتغييرات جذرية في المجلس الأعلى للآثار وكان منهم الدكتور محمد حمزة الحداد أستاذ علم العمارة وعميد كلية الآثار الأسبق ونائب رئيس جامعة القاهرة السابق، الذي تساءل لماذا لم يتم إحداث تغيير جذري في المجلس الأعلى للآثار بوزارة السياحة والآثار؟ وهل ما حدث منذ أيام قلائل من تعيين أمين عام جديد كان المقصود منه هو «أشيل راس وأحط راس وفقط؟»؛ أم أن المقصود هو إحداث ما يعرف في الإدارة الحديثة بإدارة التغيير وليس تغيير الإدارة؟
تعيين أمين عام جديد لا يكفي
فإن تعيين أمين عام جديد أو قائم بأعماله حاليًا لا يعني حدوث تغيير في النظام القائم لأن الأوضاع ستبقى كما هي دون تغيير يُذكر؛ لأنه لم يحدث حتى الآن تغيير في المكتب الفني للأمين العام ورؤساء القطاعات وأعضاء اللجان الدائمة أو بمعنى آخر الأوضاع مستمرة كما كانت في عهد الأمين العام السابق بنفس الأسماء والأشخاص التي وافقت على هدم وشطب الآثار؛ ووافقت على تقليص مساحة الحرم في بعض المواقع الأثرية كهرم ميدوم ومجري فم الخليج.
أخطاء فنية
وكذلك ما حدث من تعدي على الحرم وخطوط التجميل في بعض المواقع الأخرى أبرزها منطقة عرب اليسار؛ وعدم تسجيل العديد من المعالم الثابتة التي ترجع إلى ما بين عامي1883-1953 م طبقا للمادة 2 من القانون117 لسنة 1983م وتعديلاته؛ كما أننا لم نسمع لهم صوتًا عند تعرض منطقة المقابر بمحور صلاح سالم في مرحلته الأولى (محور الفردوس) وفي مرحلته الثانية (السيدة عائشة والإمام الشافعي) بحجة أن غالبية المقابر في كلا المحورين غير مسجلة طبقا للمادة الأولى من القانون مع إنه ا كان يمكن أن تسجل طبقا للمادة 2 من ذات القانون وصدر قرار وزاري لتسجيلها عام 2015م ولكنه لم يفعل.
كما أنها تعد في ذات الوقت في حكم المسجلة لأنها تقع في نطاق حرم الآثار وخطوط التجميل المعتمدة؛ فضلا عن كونها مسجلة ضمن القاهرة التاريخية على قائمة التراث العالمي باليونسكو من عام 1979م؛ وكذلك هي مسجلة أيضا على قوائم الحصر ضمن الأبنية ذات الطراز المعماري المتميز بالجهاز القومى للتنسيق الحضاري طبقا للقانون144لسنة 2006م.
مطالبات بتغيير شامل
وتابع الدكتور حمزة قائلًا بالتالي كنا نأمل من السيد الوزير قبل تشكيل اللجنة من أعضاء اللجنة الدائمة القائمة والأساتذة المتعاونين معها من الجامعات أن يتم إجراء تغيير كلي شامل في قيادات المكتب الفني والقطاعات وحل اللجان الدائمة مع وضع معايير ورؤى للتطوير واحداث نقلة نوعية لا ترتبط بالأشخاص وإنما ترتبط بالمنظومة والنظام ومعايير الإدارة الحديثة وليس كل من يحمل لقب أستاذ في الآثار بأي من الجامعات المصرية يكون متخصص؛ وبالتالي تشكيل اللجان لا بد أن يكون وفق التخصص الدقيق وليس التخصص العام.
ففي الآثار الإسلامية مثلا هناك أساتذة العمارة وأساتذة الفنون وأساتذة التصوير وأساتذة المسكوكات وأساتذة الكتابات والنقوش؛؛ وهناك تخصص أدق داخل التخصص الدقيق يرتبط بالعصر التاريخي فالعصر الفاطمي غير الأيوبي غير المملوكي غير العثماني غير محمد علي وهكذا؛؛؛ يا سيادة الوزير كيف تشكل لجنة لوضع مشروع عن تطوير القرافة يكون رئيسها أستاذا للفنون وليس أستاذا للعمارة؛؛؛ كفانا ما حدث خلال السنوات السبع الماضية من نفس هؤلاء الأشخاص وتلك الأسماء والتي يدل وجودها واستمرارها على أن الأوضاع ستسير مثلما سارت من قبل.
نداء إلى وزير السياحة والآثار
ثم خاطب الدكتور محمد حمزة وزير السياحة والآثار قائلًا، يا سيادة الوزير الآثار والتراث هما قوة مصر الناعمة ومصدر عزها ومنبع فخرها على مر العصور وكر الدهور؛ ومن ثم فهي بحاجة إلى الكفاءات والمهارات المتخصصة ذات الرؤى والرؤية المتجددة القادرة على إحداث التغيير والنقلة المنشودة؛ وليس مجرد أسماء يكون دورها هو التوقيع وفقط، وبالتالي فقد آن الأوان للتغيير ووضع المعايير والرؤى والضوابط السليمة من أجل الصالح العام والنفع العام لمصرنا الحبيبة.
وختم الدكتور محمد حمزة الحداد كلماته قائلًا، مما يؤكد رؤيتنا ويعززها قيام السيد رئيس الجمهورية بنصرة المواقع الأثرية والتراثية والحفاظ عليها مع تطويرها بالجمع بين الأصالة والمعاصرة منذ عام 2021م وحتى الآن، وبالتالي لا بد أن تأتي هذه النقلة وذلك التغيير لتواكب فكر ورؤية القيادة السياسية لتشكل مجرى كبيرا تعبر من خلاله سفينة الوطن إلى بر النهضة والتقدم ؛ وعندئذ نكون في مستوى مصريتنا بالنسبة للذات وفي مستوى عصرنا بالنسبة للآخر؛ وفي هذه الحالة نكون قد نجحنا في تحقيق المعادلة الصعبة بالجمع بين الأصالة والمعاصرة أو بين التراث والمعاصرة أو بين الماضي العريق والحداثة.