الذكاء الإصطناعى التحدى الأكبر للتعليم فى مصر
كتبت : د. سحر شوشان
الذكاء الإصطناعى و تطبيقاته من إنترنت الأشياء و الروبوتات و غيرها من أدوات الذكاء الإصطناعى التى ترجمت حلم البشرية على مدار تاريخها لإنتاج إنسان آلى يمكنه محاكاة الإنسان و عقله البشرى فى وظائفه من الإدراك و التعلم و الإستدلال وصولاً إلى صناعة و إتخاذ القرار ، فلا يمكن لأحد أن ينكر أن تطبيقات الذكاء الإصطناعى فى طريقها إلى تغيير ملامح الحياة البشرية ، ليس فقط من حيث تغيير الرفاهية أو قائمة الأولويات بل ستغير الإنسان ذاته معنويا و نفسياً و فسيولوجياً .
و يشير الذكاء الإصطناعى إلى أنظمة الكمبيوتر التى لديها القدرة على أداء المهام التى تحتاج إلى الذكاء البشرى و يستند إلى إفتراض مفادة أن الوظائف المعرفية مثل التعلم و الإدراك و التخطيط و الإبداع و التواصل هى وظائف قابلة للوصف بدقة لدرجة يمكن برمجة جهاز كمبيوتر لإستنساخ العقل الذى يمكنه القيام بجميع هذه الوظائف .
و بالرجوع إلى ما سبق سنجد أن الذكاء الإصطناعى سيغير واقع الحياة من حولنا وفى القلب منها القطاع التعليمى ، حيث نجد اليوم بعض التطبيقات التى يلجئ الطلاب إليها لدعمهم فى إعداد المهام و الواجبات الدراسية بل و الأبحاث العلمية التى تتطلبها بعض المراحل التعليمية ، الأمر الذى يدق ناقوس الخطر حول المنتج الذى ننتظره فى المستقبل أو بمعنى أخر كفاءة الطبيب أو المهندس أو المعلم الذى إعتمد فى مسار تحصيل المناهج الدراسية التى سيترجمها مستقبلاً إلى سلوك خلال حياته الوظيفية ، بعد أن إعتمد فى تحصيل دروسه على آله منحته المعلومة المعلبة السريعة و السطحية ، وهنا لا أعنى أن ألغى إستخدام هذا النوع من التطبيقات ، على العكس تماماً فلا يمكننا مواجهة هذا التطور بل ندعوا إلى ضرورة دعم هذه التكنولوجيا حتى نكون جزءاً منها ، بل نطمح أن نكون فى المستقبل المنظور من روادها ، و لكن أدعوا إلى إعداد خطط أو سياسات محلية داخل كل منشأة تعليمية سواء فى المراحل الجامعية أو فى التعليم ما قبل الجامعى ، حيث يحرك الضمير العلمى كل أستاذ جامعى أو معلم إلى إتخاذ التدابير التى تعيد ضبط إستخدام هذا النوع من التطبيقات و تحقيق أقصى إستفادة منها بما يضمن دعم التفكير النقدى لدى الطلاب فى مراحل التعليم الأولى ، و دعم مبادئ البحث العلمى للدى الطلاب فى مراحل الدراسات العليا .
و يجدر الإشارة إلى أن الدولة المصرية كانت حريصة على القفز بالتعليم خصوصاً التعليم ما قبل الجامعى ، و يدلل على ذلك إستخدام التكنولوجيا فى التعليم مثل استخدام التابلت فى المرحلة الثانوية الأمر الذى يعكس مدى التردى الذى أصاب المنظومة التعليمية لعقود ، و يعكس أيضاً مدى حرص الدولة المصرية فى جمهوريتها الجديدة على القفز بالتعليم إلى مراحل متقدمة فى محاولة اللحاق بالركب التكنولوجي الذى وصل إلى محطات لم يكن العقل البشرى أن يتصورها قبل بضع سنوات .
عليه فعلى الحكومة أن تصر على إستخدام التكنولوجيا بالرغم من التحديات سواء فيما يخص تكلفة تشغيلها أو التحدى الأكبر الذى يتمثل فى بعض العقول التى ترفض التغيير و ترى فى القديم سياج حامى لها و لمصالحها الضيقة ، خصوصاً و أن التكنولوجيا و أن كانت مكلفة فى بنيتها التحتية الأولية إلا إنها على المدى المنظور و البعيد تصبح أقل تكلفة ، فمن خلالها يمكن الإستغناء عن الطباعة التقليدية بل يمكن الإستغناء عن بناء مؤسسات من خلال التعليم عن بعد و الذى يوفر الوقت و الوقود و غيره من الوسائل التى تمنح قيمة مضافة يمكن إعادة توجيهها فى عمليات التنمية المستدامة ، ويبقى الذكاء الإصطناعى هو التحدى الأكبر للتعليم فى مصر .