باحثة بالجامع الأزهر: يجب علينا أن نستنكر ما يحدث في فلسطين بقلوبنا والتضرع إلى الله بالدعاء
عقد الجامع الأزهر أمس السبت حلقة جديدة من الموسم الثامن من البرامج الموجهة للأسرة تحت عنوان دور المسلم تجاه الأزمات المعاصرة، وحاضر في الملتقى فريدة محمد علي، أستاذ ورئيس قسم البلاغة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وسمية محمد عبد العزيز، مدرس الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وأدار اللقاء حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر.
دور المسلم تجاه الأزمات المعاصرة.. الجامع الأزهر يعقد ملتقاه الأسبوعي
أوضحت فريدة محمد علي، أن الأزمة محنة تحمل في طياتها منحةً، مما يعود بالنفع على المسلمين في شتى ميادين الحياة، وهناك نماذج من الأزمات التي واجهت النبي - صلى الله عليه وسلم - في نشر رسالته، كما حدث مع معظم الأنبياء والرسل، صورها لنا القرآن الكريم وصور كيفية التعامل مع الأزمات، وذلك من خلال تصوير قصة سيدنا يوسف مع الأزمة الاقتصادية، فهذه الأزمات لم ولن تنتهي إلى قيام الساعة.
من جهتها قالت سمية محمد عبد العزيز، مدرس الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة: إن هناك تدافعًا بين الحق والباطل، وهي سنة كونية، فمن سنته - تبارك وتعالى - أنْ قدَّر التدافع بين الحق والباطل، وبين الإيمان والكفر، وبين العدل والظلم، (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [البقرة: 251]. (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا) الحج:40] ومن سنته سبحانه أن شرع للمؤمنين مدافعة الكفر وأهله، ومقارعتهم بالحجة والبرهان، ومقاتلتهم باليد والسلاح، وهذه من سنن الله تعالى في عباده التي لا تتبدل ولا تتغير، ولا يمكن لأي قوة مهما بلغت أن تعطلها أو تبطلها.
وأضافت سمية محمد: لابد من وجوب اليقين بنصر الله، فتظهر حقيقة اليقين بالله في مراحل الضعف، إذ ليس صاحب اليقين مَن تنفرج أساريره وينشرح صدره ويتهلل وجهه حين يرى قوة الإسلام وعزة أهله وبشائر نصره، وإنما يكون اليقين لصاحب الثقة بالله مهما حلك الظلام، واشتد الضيق، واجتمعت الكروب، وتكالبت الأمم، لأن أمله بالله كبير ويقينه بأن العاقبة للمتقين، وأن المستقبل لهذا الدين، يقول تعالى: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا".
وأشارت مدرس الحديث، إلى بعض الوصايا للتغلب على الأزمات، منها: إصلاح النفس لأن العبرة بقدر الإيمان في النفوس، والله عز وجل لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، والنظرة الحقيقية للدنيا وقيمتها كما أوضحها الكتاب والسنة، وأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، والدعاء والتضرع إلى الله بكشف هذه الغمة، وتبصيرنا بمواطن عيوبنا وتقصيرنا حتى نتخلص من معوقات النصر، فإن الدعاء سلاح لا يخطئ، وقوة لا تغلب، وما تسلح الفاتحون من أسلافنا بسلاح أمضى منه، وأخيرا المقاطعة الاقتصادية، وهي سلاح فعال جدًا نرى نتائجه وآثاره على الجانب الآخر، وهي ترجمة فعلية لرفضنا كلَّ ما يحدث، كما أنها فرصة لتنمية الإنتاج المحلي، والأخذ بالأسباب المأمورين بالأخذ بها، أما النصر والتوفيق فهو من عند الله.
وبينت حياة حسين العيسوي، أن الدنيا دار ابتلاء، والأنبياء والرسل أشد خلقه ابتلاءً، والابتلاء ليس في الشر فقط بل الابتلاء في الخير والشر، فقد قال تعالى: "وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ".
باحثة بالجامع الأزهر: يجب علينا تجاه إخواننا في فلسطين أن نستنكر ذلك بقلوبنا والتضرع إلى الله بالدعاء
وتابعت: ويجب علينا تجاه إخواننا في فلسطين أن نستنكر ذلك بقلوبنا، والتضرع إلى الله بالدعاء كما فعل سيدنا محمد صلوات الله وسلامه وعليه، وندعمهم بالمال إذا استطعنا، وترك الأمر لولي الأمر، ولا ننظر إلى غيرنا من الأمم فما يناسب غيرنا ربما لا يناسبنا، وما يناسبنا ربما لا يناسب غيرنا..
متابعة: ونصر الله للمتقين محقق لا محالة، فقد قال تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ"، وقال تعالى: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا *إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ".
وواصلت: وقد يطيل الله فترة الابتلاء ليكون الأثبت أحق بالاصطفاء، ولنا في كليم الله قصة سيدنا موسى عليه السلام قدوة حينما جاءه قومه يشكون فرعون وقومه وأنهم كانوا يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، قال لهم على لسان رب العزة: " قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ"
وأكملت: وقد تحقق وعد الله وأورثهم مشارق الأرض ومغاربها، فقد قال في كتابه العزيز: " وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ"