الجمعة 28 مارس 2025 10:42 مـ 28 رمضان 1446 هـ
جريدة النور
رئيس التحرير محمد حلمي
×

الدراما المصرية وصعود نجم ”البلطجى”

الإثنين 24 مارس 2025 11:44 مـ 24 رمضان 1446 هـ

كتبت: هيام فايز
لاشك ان الدراما المصرية استطاعت تغيير بعض المفاهيم أهمها "القدوة"،فبعد ان كانت الدراما التليفزيونية الرمضانية هي لسان حال الناس تتأثر بهم وتؤثر فيهم، وتعكس واقعهم وتصنع مستقبلهم، لكنها أصبحت في خانة الاتهام بالتسبب في تدني الأخلاق وتدهور السلوكيات.

فقد شهد موسم الدراما الرمضاني الحالي منافسة شرسة بين عدد كبير من النجوم الذين يقدمون شخصيات شريرة، حيث تنوعت الأدوار بين الشر الصريح والشر غير المباشر، إلى جانب "الشر الكوميدي".

وقدم الفنانون هذا العام الشخصية الشريرة بأشكال معقدة، منها ذات الدوافع النفسية العميقة، والشخصيات التي تمثل قوى الشر المطلق، ولاقت بعض هذه الأدوار تفاعلا بين الجمهور الذي كان ينتظر تطور الحلقات لاستكمال الأحداث.

ولاشك ان الدراما الرمضانية أصبحت حافلة بمشاهد جريئة ظلت تتصاعد لأعوام متتالية وجعلت من الراقصة أمرأة مكافحة والبلطجى رجل شهم وبطل وتاجر المخدرات رجل مكافح ،كما تم إعلاء قيمة "السرسجي"، ومعها مكون غير قليل من الصراخ والصياح والجعجعة المستمرة من دون داع أو هدف، ليس فقط في الأعمال الدرامية عبر المسلسلات، لكن من خلال البرامج الحوارية وبرامج المسابقات والمقالب التافهة التى تعتمد على افيهات مبتذلة.

وقد استطاعت الدراما بالتركيز على هذه النماذج من التأثير على المشاهدين وجعلهم يعشقون شخصية البلطجى وتاجر المخدرات ويرونهما رمزاً للشهامة والرجولة، وجعلت الأطفال والمراهقين يتخذونهم قدوة ويقلدون طريقة كلامهم وعباراتهم وقصات شعرهم وملابسهم ويفتعلون مشاجرات مثلهم.

وعلى الرغم من وجود هذه النوعية من الدراما، إلا ان هناك أعمال جيدة ذات محتوى هادف تناقش قضايا محددة أو تطرح فكرة ذات قيمة، وهناك ايضاً اعمال كوميدية تهدف الى إدخال البهجة والسعادة ورسم الإبتسامة على وجوه المشاهدين من دون إسفاف فكري أو إنحطاط سلوكي أو عنف فعلي أو نفسي.

وبالنظر الى الدراما سنلاحظ صعود نجم دراما البلطجي على مدار ما يزيد على عقد، وأعداد متزايدة من المتابعين، سواء قطاع من المشاهدين العاديين أو نقاد وعلماء نفس واجتماع يلاحظون ذلك، في البداية، برر بعضهم أو علل الظاهرة المهيمنة على دراما رمضان في ضوء الانفلات الأمني في أعقاب أحداث يناير عام 2011، لكن انتهت الأحداث وانتهى الانفلات، وبقيت دراما البلطجي.

ليس هذا فقط، بل ظلت تتضخم وتتطور وتترسخ، لتصبح البلطجة فكرة، وليست مجرد دور أو قضية، بل منظومة كاملة متكاملة.

وبعد عرض دراما رمضان، تجسدت أعراض الصدمة في دهشة المشاهدة وحيرة المتابعة المصحوبتين برفض المحتوى ونبذ الفكرة والمغزى والرسالة (إن وجدت)، فقبل سنوات قليلة، وتحديداً في عام 2021، لخص الموسيقي والكاتب طارق عباس ما يعانيه أبناء هذا الفريق في مقالة عنوانها "دراما البلطجة ودورها في اغتيال الشارع".

وكتب: "الجدير بالملاحظة هو أن بعض الأعمال الدرامية، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، تزداد هبوطاً وانحداراً بمرور الوقت، سواء على مستوى المضمون والفكرة، أم على مستوى الشخصية أو اللغة المستعملة في الحوار وطبيعة الدور الذي تؤديه الشخصية، أم على مستوى القضايا التي يتم اصطناعها وتلك التي يتم عرضها وإبرازها وكأنها الشغل الشاغل لنا، وأهم أولوياتنا، ومن أخطرها قضية (البلطجة) التي باتت ضيفاً ثقيلاً علينا يزورنا كل عام بالإكراه".

وقد نجح الفنان سامح حسين هذا العام من خلال ما يقدمه من محتوى هادف فى برنامجه "قطائف"فى تشجيع المشاهدين على شن ثورة على الدراما المبتذلة ورفض الأنماط المكررة للإنحاط الأخلاقى المتجسد فى صورة البلطجى والراقصة وتاجر المخدرات وغيرهم ،وجعل المشاهد يسعى بكل الطرق للحفاظ على الأخلاقيات والقيم والموروثات الإجتماعية التى تتوافق مع كيان الأسرة المصرية.