من أجل حياة أرقى ... يوم شاق في وحدة تراخيص مرورية
التقدم ليس مجرد كلمة بل منهج حياة في عصرنا الراهن، عصر الفضاء والانترنت والكمبيوتر والفيمتو ثانية، عصر القرية الكونية الصغيرة إذا همس أدناها سمعه اقصاها، ولكن للأسف التقدم عندنا يسير ببطء فالخدمة التي تنجز في دقائق معدودة تستغرق أحيانا يوما كاملا، بل عليك ان تقوم بأخذ اجازة من عملك لتحصل عليها، وخصوصاً في زمن كورونا، وهذا للأسف يشمل الكثير من الجهات الخدمية كالبنوك والمرور والتأمينات وغيرها من الجهات .. فعلى سبيل المثال لا يعقل ذلك الزحام الذي تعيشه وحدات التراخيص المرورية مع اننا سمعنا كثيرا عن الميكنة واستخدام التكنولوجيا وعالم الكمبيوتر في انجاز المعاملات ولكن على أرض الواقع تجد خلاف ذلك فمازلنا نستخدم الأسلوب العقيم من مشورة صاحب السيارة (مشورة لفظ يستخدم للتعبير عن كثرة تحرك المواطن في أكثر من مكان لانجاز معاملته) واول المشاوير لابد ان تذهب لوحدة تراخيص المرور بالتجمع الثالث (وهي بالمناسبة وحدة عصرية تتوافق مع التقدم المنشود ولكنها تحتاج لبعض التنظيم لتكون أفضل) تذهب هناك لاستخراج شهادة مخالفات لتقديمها لوحدة التراخيص التابعة لك والسؤال لماذا لا تستخرج المخالفات من مكان اصدار ترخيص السيارة، المهم عقب الحصول على شهادة المخالفات تبدأ رحلتك لتجديد او استخراج رخصة جديدة بدءا من شراء ملف يحوي بعض الأوراق التي لايتجاوز ثمنها الخمسة جنيهات فتشتريه بتسعة أضعاف قيمته ولا تكتب فيه سوى اسمك على غلاف الملف وليقوم مهندس الفحص باعتماده لتنتقل لمكان آخر لتشتري طفاية حريق وحقيبة الإسعافات الأولية ثم تنتظر دورك للوصول لشباك تقديم المستندات وتقدير الرسوم والتي يمكن أن تستغرق يومك كله نظرا للزحام الشديد فاذا ما انتهيت انتقلت لمرحلة دفع الرسوم أي الخزينة وجدت ما يزيد عن الثلاثين شخصا في مساحة لا تتعدى ١٥ مترا مربعا دون أخذ الاحتياطات الواجبة في زمن كورونا ولابد ان تقف في الطابور او تزاحم وتقاتل حتى تصل لشباك الخزينة ولتفرض سطوتك اذا كنت من ذوي الأجسام الضخمة فإذا انجزت المهمة على خير ودفعت الرسوم عدت مرة أخرى إلى الشباك الذي قدمت له الأوراق ليرفق ايصال الرسوم بملفك ويطلب من سيادتك الذهاب إلى الأرشيف لاستخراج ملفك القديم فإذا ما جاء واكتمل التدقيق على كل شئ يحول موظف الشباك المعاملة لجهة طباعة الرخصة والتي تتطلب انتظارا آخر لحين طباعتها واستلامها من قبل موظف آخر، وهذه التجربة بدون مبالغة تستغرق على أقل تقدير ثلاث ساعات ويمكن أن تصل ليوم كامل. والسؤال لماذا كل هذه الإجراءات ألا يوجد إجراء أكثر سهولة للحصول على الخدمة ، إن كثيرا من دول العالم المتقدم وحتى الدول العربية التي كانت منذ خمسين عاما أو أكثر تستعين بنا في الكثير من الأمور الحياتية قد تقدمت علينا بمراحل كثيرة فاستخراج رخصة جديدة لا يستغرق خمس دقائق، وهناك آلية ليست تكنولوجية بقدر ما هي تنظيمية تتمثل في الموظف الشامل الذي ينجز المعاملة بالكامل دون المرور على خمسة شبابيك لانجاز المعاملة، وهذه الآلية ليست تحتاج إلى كبير تكنولوجيا ولكنها تحتاج لتدريب موظفين أكفاء على انجاز المعاملة دون تحرك صاحب المعاملة من على الشباك حتى يحصل على رخصته دون عناء. وهناك شيء آخر يتمثل في تقدير الرسوم فلا أدري كيف تقدر الرسوم وإلى ماذا يخضع التقدير فعلى سبيل المثال أيضا اردت استخراج بدل فاقد لرخصة قيادتي وبعد شراء الملف ب ٤٥ جنيها ولا ادري لماذا ملف جديد لرخصة بدل فاقد المهم استخرجت ورقة كمبيوتر بياناتها كالتالي: - رسم استخراج بدل فاقد ١٠٠ جنيه - رسم رخصة مؤمنة ٢٥ جنيها - رسم طابع الشهيد ٥ جنيهات - المجموع ١٣٠ جنيها ولكن فوجئت بموظف الخزينة يطلب ٣٢٠ جنيها وحينما استفسرت قيل دمغات واستكمال أوراق، العجيب والغريب ان وحدة التراخيص مليئة باللوحات الإرشادية والمحدد بها الكثير من الرسوم ولكن عند الدفع تجد ارقاما مختلفة تماما عما باللوحات فما السر وراء هذا التقدير المبالغ فيه وهل لدى موظف الخزينة صلاحية فرض دمغات واوراق إضافية أم المفروض ان يعرف صاحب المعاملة من اول دخوله لوحدة التراخيص تكاليف استخراج أي معاملة دون زيادة او نقصان. المهم بعد دفع ما طلب مني من رسوم بزيادة ٣ اضعاف على ما هو موجود بالورقة المعتمدة عدت لموظف الشباك وسلمته إيصال الدفع فنصحني بالجلوس لحين طباعة الرخصة وحين حصلت عليها حمدت الله أن كلل عناء اليوم بالحصول على الرخصة. ولكن السؤال لماذا هذه المعاناة إننا ننادي دائما باستغلال التكنولوجيا في انجاز المعاملات بكل سهولة ويسر وطالما ان المواطن يدفع ما يطلب منه فلابد في المقابل ان نسهل ونيسر له الحصول على الخدمات بكل احترام وتقدير فالخدمة التي تقدم في وحدات المرور يمكن أن تصل لمستوى الخدمة التي تقدمها البنوك، يحتاج الأمر لتوفير مكان عصري مع دقة في التنظيم وبعض التدريب لتصبح حياتنا أكثر سهولة كما ننشدها جميعا في جميع القطاعات الخدمية.