عين العقل النور .. والظلمات
" النور " رمز كبير من رموز الإسلام الجامعة، فالله سبحانه وتعالى نور، " الله نور السماوات والأرض " النور35 ، بل نور على نور، والنور من أسماء الله الحسنى، "وأشرقت الأرض بنور ربها " الزمر 69 . ورسول الإسلام صلى الله عليه وسلم نور وسراج منير، " ياأيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا " الأحزاب 45 و46 ، " قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين " المائدة 15 . وكتاب الإسلام نور، " ياأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا " النساء 174، " فآمنوا بالله ورسوله والنور الذى أنزلنا " التغابن 8 ، " هو الذى ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور " الحديد 9 ، " كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور" إبراهيم 1. " فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولئك هم المفلحون " الأعراف 157 . ورسالة الإسلام فى ذاتها نور، " أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه، فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك فى ضلال مبين " الزمر 22 . والهداية للإسلام والإيمان بالرسالة المحمدية هداية إلى النور، " يهدى الله لنوره من يشاء " النور 35 ، " ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور " النور 40 ،" ماكنت تدرى مالكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم " الشورى 52 . وقد حاول الكفار والكارهون قديما وحديثا أن يطفئوا نور الله، ودبروا للقضاء على رسالة التوحيد وصرف الناس عنها بالحروب وبالمكائد، لكن الله سبحانه وتعالى انتصر لرسالته وأتم نوره، " يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون " الصف 8 ، " ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون " التوبة 32 . ويخبرنا ربنا جل شأنه أنه فى يوم القيامة سيكون للمؤمنين نور خاص بهم، يبشرهم بجنة الخلد التى تنتظرهم، " يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم . يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب " الحديد 12 و13 ، " يوم لايخزى الله النبى والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير " التحريم 8 . وسيكون للشهداء أيضا نور يميزهم عن الخلائق جميعا، " والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم " الحديد 19 . وكما وصف الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم بأنه نور كذلك وصف التوراة والإنجيل والكتب السابقة، تعبيرا عن وحدة رسالة السماء إلى الأرض، " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور " المائدة 44 ، " قل من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا وهدى للناس " الأنعام 91 ، " وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور " المائدة 46 ، " وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير " فاطر 25 . ومن الطبيعى أن يكون المعادل الموضوعى لهذا النور الإلهى هو الظلمات، ظلمات الكفر والجهل والطغيان والفساد فى الأرض، وإذا كان لفظ النور قد ورد دوما فى القرآن الكريم بصيغة المفرد فإن الظلمات جاءت بصيغة الجمع، فالنور وإن تعدد فى الموصوف إلا أن المصدر واحد، أما الظلمات فمتعددة المصادر كما هى متعددة الدلالات . يقول تعالى : " الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النوروالذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " البقرة 257 ، وبقول : " قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين . يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم " المائدة 15 و16 ، ويقول: " هو الذى يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور " الأحزاب 43 ، ويقول أيضا : " رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور " الطلاق 11 . وقد جعل الله النور الذى هو رمز الهدى والإيمان صنوا للبصر والبصيرة، وجعل الظلمات التى هى رمز الكفر والجهل والطغيان والفساد صنوا للعمى ، فقال تعالى : " قل هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور" الرعد 16، وقال : " وما يستوى الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور " فاطر 20 . بل إن نورالإيمان والهدى فى الخطاب القرآنى صنو الحياة، بينما الظلمات صنو الموت، " أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس كمن هو فى الظلمات ليس بخارج منها ، كذلك زين للكافرين ماكانوا يعملون " الأنعام 122 . اللهم امنحنا نورا من نورك نبصر به، ونحيا به، ونهتدى به، ونخرج به من ضيق أيامنا وظلمات حياتنا إلى رحابة رحمتك، وسعة عفوك ورضاك ومغفرتك، ياأرحم الراحمين .