من مصائب اللسان
كب أحمد الجعفري
الحمد لله رب العالمين، أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضى لنا الإسلام دينا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبدالله ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد ،أيها القارئ الكريم: مصائب اللسان كثيرة وبه عدد من الكبائر التي يصرّ الناس عليها وأولها (الغيبة) وهي من أعظم الكبائر في اللسان ، وقد شبه القرآن المغتاب بآكل لحم أخيه ميتًا فقد قال الله تعالي ( ولا يغتب بعضكم بعضًا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه)سورة الحجرات آية ١٢ والإنسان أشد حرمة من الكعبة ،فالغيبة إذًا اشدُّ جرمّا من هدم الكعبة ، فقد قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وهو ينظر إلي الكعبة أيا كعبة الرحمن، ما أبهاك وما اجملك وما أعظم حرمتك، والله إن المؤمن عند الله أعظم حرمة منك لماذا ؟لأنه خليفة الله فى الأرض والإنسان عندما يغتابه إنسان يهدمه ويصغره ويحقره،وقد قال تعالي: (ولقد كرمنا بنى آدم )سورة الإسراء، والتوبة من الغيبة صعبة لأنه يجب أن يعيد بناء الإنسان الذي هدم ،فإذا كنت اغتبت انسانًا لمدة ثلاث سنوات مثلا أظل أصلح ما أفسدته ثلاث سنوات ،يقول العلماء: المغتاب إن تاب قبل موته فهو آخرالداخلين إلي الجنة، وإن لم يتب فهو أول من يدخل النار .
ولقد رأي النبي صلي الله عليه وسلم في الرؤيا الذين يخمشون وجوههم،فسأل عنهم فقيل له:هم الذين يخوضون في أعراض الناس .
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها للرسول صلى الله عليه وسلم عن السيدة صفية "حبك من صفية يا رسول الله انها...." وأشارت إلى أنها قصيرة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم "يا عائشة لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لغيرته " وعائشة لم تقل بل أشارت ، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الإشارة مذمة، فأراد أن يعلمها ويعلمنا نحن .
أقول لو كانت للغيبة رائحة ماذا كنا نفعل ؟ وقد قال العلماء :إن الغيبة الواحدة أشد عند الله من ست وثلاثين زانية فالزانى قد يتوب فيقبله الله أما المغتاب لن يتوب إلا إذا عفا عنه أخوه المسلم .