حوار بين تائهٍ ومهزوم …

يا قَلْبُ، أَنَسيتَه؟!
أبدًا، لم أَنسَه.
– حَسَنًا، كما تُحِب… لنقُلْ: تَناسَيْتُه.
– وهل تَرضى لي أن أَنطِقَ كَذِبًا؟!
فَوَاللّه، ما استطعتُ حتّى أن أَتَناسَى…
ما زالَ يَسكُنُني، وما زِلتُ أَحيا بأنفاسِه.
تَناسَ أنتَ، يا عَقل، إنِ استَطَعتَ أن تَتَناسَى.
يا عَقلُ، انتَصِرْ أنت،
فلديكَ من الصَّلابةِ ما يَجعلكَ أَشَدَّ قوّةً مِنِّي:
تَفرِضُ سَيطرتَكَ،
تَمحُوهُ مِن ذاكِرَتِكَ،
تَنسى مَلامِحَ وجهِه،
تَتَخلَّصُ مِن ذِكرياته،
ويَندثِرُ أَثَرُه، فيَرحَلَ ويَترُكَ مكانَه…
أمّا أنا، فَضَعيفٌ أمامَه،
أَحِنُّ إليهِ دومًا… ويَهزِمُني شَوقي له،
رغمَ عِنادِه وخِذلانِه.
فَأنا تَحكُمُني عاطِفَة… تَبًّا لها!
إنِ استطَعتُ، لاجتَثَثتُها،
وعِشتُ بَعيدًا عنه،
أَتَلَذَّذُ في ذُلِّه وحِرمانِه…
ومَن قالَ لك، يا قلب، إنّني
أَملِكُ من أَمرِي شيئًا؟
مَن قالَ إنّ لديّ الشَّجاعةَ لِنِسيانِه؟!
مَن قال إنّني أَملِكُ سِلاحًا لأُهزِمَه،
وأُقصِيهِ من مكانِه؟
هو أَصبَحَ ذاكِرَتي…
قد أضلَّك، ولا أَنسى حُلوَ أيّامِه…
وتَذكَّرْ أنَّه كُلَّما عَزَمتُ أَنا على الرَّحيل،
تَمسَّكتَ أنتَ به… وعَصيتَ أَمرِي وكَلامي ،
والتَمستُ له مِن الأعذار… ودَفَعتُ عنه مَلامي.
تَبًّا لَنا، فقد أَصبَح كِلانَا مَهزومًا أمامَه.
نَعيشُ في المُنتَصَفِ عالِقين ،
لا هوَ مَعَنا،
ولا نَقدِرُ نحنُ على الاقتِراب
فيَزيدَنا من ظُلمِهِ وهَجرانِه…
فلنَعتَرِفْ بعيدًا عن الكِبرياءِ،
دونَ عِلمِه، وفي الخَفاء،
أنّهُ سَيَبقى رَغمًا عنَّا،
فَليكُنِ القَدرُ أحنَّ علينا مِنه… ومِنَّا،
وليَكتُبْ لنا بِعَطفِه ما يَشاء…
،،،،،ولاء شهاب ،،،،،،